ألواح الطاقة الشمسية: بديل بلا ضوابط ولا معايير
نظرياً فإن الأزمة تخلق حلولها… بالتفكير والحاجة واستجماع المعطيات، وأكبر الأمثلة اليوم الكهرباء، فكيف نحول الأزمة الى فرصة؟
لا داعي للشرح والتفسير عن الحاجة الملحة لهذه الطاقة، وسرعان ما كان الحل الأبرز لهذه المعضلة اللجوء الى الطاقة الشمسية، وطالما لكل جديد “رهجة” ومفاعيل، فأين تكمن سلبيات ومخاطر الألواح الشمسية طالما الحسنات معروفة؟.
نموذج الخليوي: سرعة التقنيات وتدرجها التجاري
في منتصف تسعينات القرن الماضي هبَّ الشعب اللبناني لشراء الهاتف النقال، وكلّنا يذكر كيف كان حجم الجهاز الضخم يومها، ومعظمه من نوع Motorola، ثقيل الحجم ويصعب التقاط الإشارة فيه وذاكرته بالكاد تحفظ 5 أرقام.
يومها “تفشخر” حملة الجهاز في الشوارع والأماكن العامة بوصول التكنولوجيا الحديثة الى ربوع الأرز حتى ضاقت البلاد بضيفها الثقيل، لكن سرعان ما بدأت إعلانات التجارة والتسويق تُقدّم الأحدث والأحدث بالتواتر المدروس، ولم يمض عقد من الزمن حتى صار “جهاز الحب الأول” للجهاز “ديموديه”، حتى نافسه “أبو لمبة” بشدة، وتتابع التجديد على قاعدة “يصغر الحجم ويكبر الفعل” وكلّه مقابل الدولار الأخضر.
كذلك كانت فكرة “أنتان” التلفزيون والصحون الضخمة على الأسطح وأنواع المحطات وطريقة بثها، كما هو الأمر أجهزة الكمبيوتر الشخصي أو الصناعي….
إذن في عملية التسويق المتدرجة من الطبيعي أن تعمد الشركات الى ترويج منتجاتها بالتتابع، وكله بثمن.
ما يعنينا اليوم، وبناءً على الأمثلة أعلاه، كيف ستبدأ فكرة الألواح الشمسية ولوازمها من البطاريات وأجهزة التوصيل بالتتابع والانتشار، ويبدو جلّياً منذ أشهر كيف تغيّرت الأنواع وتوسعت دائرة الخدمات في هذا القطاع.
فهل نصل قريباً الى يوم تصغر فيه أحجام الألواح والبطاريات وتزداد قدرتها على العمل أكثر فأكثر؟.
وتواجه الألواح الشمسية اليوم عقبات لا بد من فهمها والوقوف عندها لمعالجتها، وهي ليست عابرة بل تحتاج لقوانين وتشريعات ودراية من المواطنين متشعبة يتوجب الإضاءة عليها رغم صعوبة الإحاطة بكل الفكرة.
الزهيري: محاذير ألواح الطاقة الشمسية
رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات المحامية أنديرا الزهيري، بدت الأسرع بين أقرانها في قراءة بعض الجوانب القانونية والصحية في استخدام الألواح لا بل تقول بـ”محاذير ألواح الطاقة الشمسية” أي مكامن الخلل التي تستوجب التنبه لها وعلاجها.
وفي حديثها مع “أحوال” تتجنب الزهيري الإفراط في الإجابات الحاسمة على طريقة الباحثين القانونيين، ولكنها لا تتورع عن التنبيه الى النقاط التالية:
– كي نهرب من “دلفة” شجع أصحاب المولدات علينا ألا نقع تحت “مزراب” تجار الطاقة الشمسية، فهل تأكدتم من جودة البضاعة المستخدمة؟ هل اختبرتم نتيجتها لفترات طويلة كي نكتشف أي خلل يعتريها؟. الجودة أساس، فهل استوردنا بمواصفات اوروبية ومعايير المؤسسة الوطنية “ليبنور”؟ يبدو أن السوق يضم بضاعة لا تحمل الموصفات الصحيحة.
– هل تأكدتم من متانة الأسطح والمساحة المراد وضع تلك الالواح عليها، وهي لا تشكل خطراً على السلامة العامة؟. خاصةً حال الأبنية القديمة والمهترئة والتي تحتاج بمعظمها إلى تدعيم وصيانة والتي حتماً تفاقمت مشكلتها بسبب الغلاء وغياب الصيانة وغياب تطبيق القوانين التي تحميها.
– هل أخذتم بعين الاعتبار تعقيدات نظام الملكية المشتركة والمساحات التي تدخل ضمن الملكية “بالتخصيص” تفادياً لأي نزاع قضائي أو تعديات على حقوق الغير؟.
– هل كلفتم متخصصين بالتمديدات اللازمة والحرص الشديد في تثبيت الألواح ضمن المساحات الصحيحة كي لا تسبب أضرراً أو خطراً على القاطنين وشاغلي الأبنية وجوارها من جراء إشتعالها او إحتكاك في الاسلاك الكهربائية؟.
– هل وُضعت مواصفات التثبيت لتقاوم رياح الشتاء والعواصف كي لا تسقط على الناس والسيارات…، أو مثلاً خطر تظليل إحدى زوايا الألواح ما يسبب عائقاً في انتقال الكهرباء المولّدة وربما يتسبب بإشتعالها وعدم تحملها الحرارة؟.
– وفي كل ما يجري أين المؤسسات والوزارات المعنية من داخلية واقتصاد وطاقة وتنظيم مُدني… لوضع المعايير وتسهيل حياة الناس؟.
– ألم يحن الوقت لتشريعات تسهل الاستثمار في هذا المجال مثل تخفيض الضرائب على المواد المستخدمة في انعاش قطاع الطاقة البديلة؟ وهل يمكن تسهيل اقامة مزارع الطاقة العامة لتخفيف العبئ عن الناس؟.
– هناك تجارب في بعض القرى والمناطق اللبنانية جيدة ولكن إذا ما عمدت الأجهزة الرسمية الى تطبيق القوانين الموجودة حالياً فلربما ستواجه عقبات مثل استخدام الأماكن العامة او أعمدة الكهرباء… .
من هنا، وبناءً على ما تقدم، وبعيداً عن لغة القانون والعبارات الدقيقة،
السؤال يبقى كيف تتحول قضية الكهرباء والوقود في لبنان “من أزمة الى فرصة”،
فهل تبقي المافيات الحاكمة هذا القطاع دون أن تنهش بلحمه الغض وتبتز حاجة الناس له؟
هل يمكننا مثلاً اليوم معرفة من الذي سيطر على معظم سوق استيراد قطع ومواد الطاقة البديلة من الخارج؟
هل سيتحرر المواطن في المدن أو التجمعات السكنية الكبيرة مثلاً من براثن مافيا الموتور لعدم قدرته على استخدام سطح المبنى؟
ماذا عن وهم القروض التي وعد بها مصرف الاسكان وهو يضع شروطاً تعجيزية لمقدم الطلب؟
لماذا لا تسن قوانين تسمح للمواطن بإعادة بيع الفائض عنه من الطاقة البديلة للدولة بدل أن نبقى تحت رحمة استيراد الفيول وخسائر مؤسسة كهرباء لبنان؟
هل فكرنا بوضع قوانين جديدة تضبط إيقاع المرحلة القادمة، أم سنقع في أزمة تجار الكهرباء من الطاقة البديلة كما وقعنا في أزمة تجار المولدات؟
وتطول سبحة الأسئلة لكن النتيجة الأكيدة، أن مافيا النفط والمولدات والاحتكار وأزلام سلطة الفساد لن يكونوا بعيدين عن استغلال مشاريع الطاقة البديلة بطرق أخرى وملتوية… طالما بلادنا محكومة بالعصابات على أنواعها.
عامر ملاعب